مثيلتها في الدول الصناعية حوادث المرور.. هل أصبحت أهم أسباب الوفيات في الكويت؟
تعتبر حوادث المرور احدى المشكلات الرئيسة التي يعاني منها المجتمع الدولي سواء المتقدم أو النامي على حد سواء، وهناك زيادة مطردة بوجه عام في عدد حوادث الطرق ليس في العالم العربي فحسب، بل في العالم أجمع حيث ان سبب الوفاة نتيجة حادث مرور سوف يتدرج في ترتيبه من السبب التاسع من بين خمسة عشر سبباً آخر (أمراض القلب والسرطان وغيرها) في العام 1990، ليصل الى السبب الثالث كما هو متوقع في العام 2020 وذلك كما ذكر في التقارير الصادرة من منظمة الصحة العالمية. وقد تزايدت معدلات حوادث المرور التي تقع على شبكات الطرق خلال الآونة الأخيرة، بصورة أدت الى تضاعف الخسائر البشرية والاجتماعية والاقتصادية بصورة لم يسبق لها مثيل.
وأصبحت نتائج الحوادث تؤثر تأثيراً مباشراً وسلبياً على المواطن نظراً لما تسببه من معاناة انسانية كبيرة وعبء اقتصادي ضخم على الدولة، نتيجة لفقد الأرواح والاصابات والعجز، فضلاً عن التأثير الضار على الممتلكات الخاصة والعامة وتضخم مبالغ التأمين والتعويضات وغيرها. فمشكلة حوادث الطرق تزايدت بشكل كبير، وأصبحت هذه الظاهرة مشكلة قومية، وهي ليست وليدة اليوم، ولا تخص جهة بعينها بل هي مشكلة تهم كل قطاعات المجتمع، الأمر الذي أدى الى الحاجة الملحة لتضافر جميع الجهات التي لها صلة بالمنظومة المرورية علاوة على المدرسة والجامعة والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والأسرة والمجتمع بأسره للعمل معاً للحد من تزايد هذه المشكلة كلاً في مجال اختصاصه وعمله ومسؤولياته.
الوعي المروري
للاعلام دور كبير في المساهمة في حل تلك المشكلة وعلى كل دولة القيام بحملة اعلامية واسعة النطاق تستهدف القاء الضوء على حجم المشكلة ومدى ضخامتها، والآثار المترتبة عليها من خسائر بشرية ومادية، ومدى تأثير ذلك على الاقتصاد القومي. بالحد من الحوادث والآثار السلبية الناجمة عنها، والحفاظ على أرواح المواطنين. ونشر الوعي والانضباط المروري بين المواطنين. وتحسين سلوكيات مستخدمي الطرق. على أن تشمل هذه الحملة الاعلامية جميع مؤسسات المجتمع المدني بالاشتراك مع كل وسائل الاعلام بصورها المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية. مع ضرورة تحقيق الانضباط المروري وذلك من خلال تفعيل التنفيذ الدقيق لقانون المرور، الذي يعتبر من أنجح آليات معالجة أسباب الحوادث، وذلك عن طريق تحقيق الانضباط المروري داخل المدن بصفة عامة. والأخذ بمبدأ الحد الأقصى في توقيع العقوبات الواردة في قوانين المرور مع تدعيم قوات وزارة الداخلية الراكبة والمتحركة المزودة بوسائل الانتقال والاتصالات ومعدات الرصد، للمراقبة والضبط. وأن يتم تقييم التجربة ودراسة سلبياتها وايجابياتها. فحماية حق الانسان في الحياة عن طريق حمايته من الحوادث على الطرق تستحق من عناصر المجتمع كافة الاهتمام بهذه الظاهرة المقلقة ومعالجتها.
فالسلامة على الطرق لا تحدث بالمصادفة، وانما هي ثمرة لجهود مدروسة، وينم عن أن هذه الجهود تستلزم الدعم من أعلى المستويات في الحكومات كافة. ولما كانت الوقاية أكثر مردوداً من العلاج وكبداية يجب تعيين وكالة للتنسيق لسلامة الطرق واعداد استراتيجية وخطة عمل حول سلامة الطرق، بحيث يمكن الاستفادة منها كأساس يمكن من خلاله البحث عن تمويل لسلامة الطرق وتعزيز جمع المعطيات والبحوث والخدمات والوقاية.
6 حوادث كل ساعة
تعتبر الكويت في طليعة الدول التي ترتفع بها حوادث المرور فالحوادث فيها تبلغ أربعة أضعاف مثيلتها في الدول الصناعية وهي في ازدياد على الرغم من سعة الشوارع في الكويت وحسن تنظيمها وجهود رجال الشرطة ووجود الكثير من اشارات المرور. وبحسب الاحصائيات السنوية الصادرة عن الادارة العامة لتنظيم المرور فان ثلاثة أشخاص يسقطون يومياً ما بين قتيل وجريح وجراح أغلبهم بليغة. ان هذا قد يفوق في بعض الأحيان احصاءات الحروب ومناطق النزاع والتوتر.لاسيما ان الحروب والنزاعات مهما طالت تبقى مؤقتة وفي طريقها الى الحل في حين حرب الطرق تبدو مستمرة الى أن يشاء الله.
لقد أجريت دراسات كثيرة حول هذه المشكلة التي أصبحت مزمنة وبشكل خاص في الكويت، فعلى الرغم من قلة المساحة فان عدد الحوادث المرورية ما يقارب 6 حوادث كل ساعة وهو رقم كبير جدا، وحين نقول كل ساعة فان هذا يعني أن ينشغل ستة من رجال الشرطة على الأقل كل ساعة لحل الاشكال بين أصحاب الحوادث المرورية، هذا ان لم يقع قتيل أو مصاب اصابة تضطر سيارات الاسعاف للمجيء الى مكان الحادث، أي أن هناك عرقلة للمرور في ست مناطق في الكويت كل ساعة.
ومعدل الوفيات التي سجلت خلال السنوات الثلاث الماضية بلغ أكثر من (460) حالة في السنة أغلبها من الشباب فضلا عن الاعاقات التي تقدر بالآلاف سنويا، وتؤكد دراسة أعدتها جمعية السلامة المرورية في الكويت أن التكلفة الناجمة عن وفيات الطرق بلغت ما نسبته 1.8 في المئة من الناتج المحلي والاجمالي الكويتي.
حرب طاحنة
وهذه الأرقام والاحصائيات تنذر بخطر ماثل نشهده في كل يوم، وفي كل ساعة في شوارعنا، فهناك حرب تدور في شوارع الكويت يقودها حفنة من الشباب المستهتر وبدأ الناس يتضايقون ويضجون من هذه الحوادث، ويقلقون على مستقبلهم، ومستقبل أولادهم، فكم من امرأة أو رجل أو شاب أو كبير بالسن راح ضحية بسبب السيارات، وكم من معاق بسبب الحوادث، والمسلسل مستمر، والعابثون أيضا مستمرون ماداموا بعيدين عن طائلة العقاب الرادع.
فالسلامة المرورية أصبحت واحدة من أهم القضايا المرورية في الكويت، ورغم أن وزارة الداخلية طبقت قانونا أشد حزما وكذلك تم تركيب كاميرات للسرعة في التقاطعات والطرق السريعة الا أن السلامة المرورية وما يتبعها من حوادث لم تسجل أي تحسن.
وأصبح تأثير الحوادث مباشراً على المواطن، نتيجة المعاناة الكبيرة ونتيجة لفقد الأرواح والاصابات وأصبحت مشكلة وطنية، تؤرق مضجع الجميع من مؤسسات حكومية الى جمعيات نفع عام الى مؤسسات تعليمية وسياسيين ومهتمين وعلى وسائل الاعلام القيام بدروها في توضيح القضايا المتعلقة بالقضية المرورية وان تكون أداة رقابة للقائمين على النظام المروري.
ولنا أن نتساءل عن الجانب الاعلامي وتوعية المواطنين والمقيمين من خلال برامج ثقافية ومرورية تبث في وسائل الاعلام المختلفة ومن خلال ابراز مشاهد الحوادث المؤلمة وزيارة المصابين في المستشفيات لاحداث توعية مرورية بين الناس والقاء الضوء على حجم المشكلة ومدى ضخامتها ونشر الوعي والانضباط المروري وتحسين سلوكيات مستخدمي الطرق.
ومع أن هناك برامج من هذا النوع، الا أن تكثيفها وزيادتها أمر مطلوب، مع بثها في ساعات مختلفة من اليوم لعل وعسى ذلك يقلل من نسبة الحوادث المرورية عندنا.
التركيز على الأسرة
كما يجب ادراج المناهج والبرامج التربوية والتوعوية في الأنشطة الحرة في المراحل المدرسية وتطوير البرامج التوعوية المرورية لمختلف الفئات لاسيما الأطفال مع أهمية الأخذ ببرامج مبتكرة وجذابة للجمهور.
فالتوعية المرورية الأسرية والاجتماعية للحد من نسبة الحوادث المرورية غالباً ما تعطي نتائج بعيدة المدى في الالتزام بالقواعد المرورية فتغليظ العقوبات غالبا ما يعطي نتائج ايجابية في انخفاض نسبة معدلات الحوادث المرورية الى 30 في المئة لكن يبقى للوعي المروري الدور الحاسم.
و من أهم أسباب ارتفاع نسبة الحوادث المرورية قلة عدد أفراد الادارة العامة للمرور اضافة الى قلة امكانيات الادارة في المعدات التكنولوجية الحديثة المعمول بها في دول العالم المتقدم وغير ذلك غياب الخطة الاستراتيجية المرورية الشاملة الآنية والمستقبلية للدولة رغم جهود قياديي وأفراد الادارة العامة للمرور وتعاون وزارة الداخلية ومساعدة اتحاد وكلاء السيارات لجميع البرامج التوعوية والفنية التي تقوم بها الجمعية لخدمة المجتمع والدولة.
وغير هذا وذاك تصميم الطرقات عندنا كثيرا ما يشجع على السرعة وما ينجم عنها من حوادث واضافة الى ذلك هناك ضعف في الرقابة الأسرية ومن خلال الاحصائيات تبين لنا أن نسبة الوفيات تنحصر في الشريحة الشبابية ممن تتراوح أعمارهم بين 20-25 سنة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق